قطعت هذه السيارة من طراز «غراهام بيج» موديل عام 1928 362 ألف كيلومتر (أ.ف.ب) |
تختتم عائلة أرجنتينية اليوم في بوينس آيرس رحلة سفر نادرة ومجنونة بالسيارة كان يفترض أن تدوم ستة أشهر لكنها استمرت 22 عاماً، وشملت أكثر من مائة بلد، رزق خلالها الزوجان أربعة أولاد، وخلصا في نهايتها إلى أن «البشرية رائعة».
وفي غواليغوايتشو الواقعة شمال غربي بوينس آيرس والتي تمثل إحدى المراحل الأخيرة للرحلة إذ تبعد بضع ساعات و230 كيلومتراً عن المحطة النهائية، يحار هيرمان زاب بين القول «انتهى حلمي» أو «حققت حلمي». ويضيف: «كل شيء كان أجمل مما تخيلنا»، وهذا هو الأهم بالنسبة إليه.
عندما انطلق الزوجان في رحلتهما، كانا يبلغان 31 و29 عاماً، وكانا مرتاحَين مادياً، ويملكان منزلاً في ضواحي بوينس آيرس، ويرغبان في إنجاب الأطفال. لكنهما أرادا قبل ذلك تحقيق حلمهما القديم المتمثل في القيام برحلة برية بالسيارة لستة أشهر، من الأرجنتين إلى ألاسكا، وهكذا بدأت المغامرة، وكان بحوزتهما في بدايتها مبلغ قدره أربعة آلاف دولار.
وعرض عليهما أحد الأشخاص سيارة قديمة للبيع من طراز «غراهام - بيج» من طراز 1928 ذات إطارات مغلفة بالخشب وبالكاد قادرة على السير، ولا تصلح لرحلة كهذه. إلا أنها أعجبت الزوجين، فقررا استخدام هذه المركبة «الأثرية» في رحلتهما.
وبالـ«غراهام - بيج» التي باتت السيارة نجمة الرحلة، بلغ عدد الدول التي جالاها 102. واجتازت السيارة 362 ألف كيلومتر رغم أنها لم تكن تسير إلا بضع ساعات في كل محطة، وليس بوتيرة يومية، نظراً إلى قِدَمها.
ويقول هيرمان لوكالة الصحافة الفرنسية إن السيارة «لا تحوي أفضل مقاعد ولا أفضل ممتصات صدمات وتفتقر إلى مكيف. إنها تجعل سائقها متنبهاً (...) لكنها كانت مذهلة». ويلاحظ أنها كانت تعبر إلى قلوب الناس، فشكلت مصدر فرح لهم، ودفعتهم إلى مد يد العون له ولزوجته.
وأدخلت تغييرات على السيارة منذ الكيلومترات الأولى للرحلة التي اقتصرت في يوم انطلاقها في 25 يناير (كانون الثاني) 2000 على خمسين كيلومتراً، قبل أن تتعطل للمرة الأولى... واضطرت العائلة إلى إخضاعها لعدد من التصليحات، ثم أجرت تغييراً كبيراً فيها تمثل في تكبير حجمها وإضافة 40 سنتمتراً إليها لأن العائلة كبرت.
وغالباً ما مثلت السيارة «مسكناً رئيسياً» للعائلة، إذ كان الأطفال ينامون داخل خيمة على سطحها بينما ينام الأهل في الداخل.
ولكن في الواقع، كانت عائلة زاب تنام في الغالب لدى سكان في المناطق التي تحل فيها، إذ استضافتهم أكثر من 2000 عائلة في العالم، على ما يوضح هيرمان.
ويقول: «لم نكن يوماً لنتخيل أن الناس في العالم يمكن أن يكونوا بهذا اللطف».