تحذير من الرقابة.. اعتماد أول معاهدة أممية لمكافحة الجرائم السيبرانية


اعتمدت الأمم المتحدة معاهدة جديدة لمكافحة الجرائم السيبرانية بعد ثلاث سنوات من المفاوضات، في خطوة تعد الأولى من نوعها على مستوى المنظمة الدولية. تهدف المعاهدة إلى منع ومكافحة الجرائم السيبرانية بشكل أكثر فعالية، مع التركيز على جرائم مثل الاعتداء الجنسي على الأطفال وغسل الأموال.

رغم الإشادة من بعض الجهات، إلا أن المعاهدة تواجه انتقادات حادة من نشطاء حقوق الإنسان وشركات التكنولوجيا الكبرى. هؤلاء المنتقدون يعبرون عن مخاوفهم من أن نطاق المعاهدة قد يكون واسعًا للغاية، مما قد يسمح باستخدامها كأداة للرقابة والقمع على مستوى عالمي.

أحد النقاط المثيرة للجدل في النص المعتمد هو السماح للدول الأعضاء بطلب الأدلة الإلكترونية من دول أخرى، بما في ذلك بيانات المستخدمين من مزودي خدمات الإنترنت، عند التحقيق في جرائم يعاقب عليها بالسجن لمدة لا تقل عن أربع سنوات بموجب القانون الوطني. هذا البند يثير قلقًا خاصًا من قبل المعارضين الذين يرون أن ذلك قد يؤدي إلى انتهاكات محتملة للخصوصية وحرية التعبير.

المعاهدة، التي تم تقديمها كمبادرة أولية من روسيا في عام 2017، ستدخل حيز التنفيذ بعد تصديق 40 دولة عضو عليها. ومع بدء هذه المرحلة، ستكون العيون مركزة على كيفية تنفيذها ومدى تأثيرها على الحريات الرقمية وحقوق الإنسان.إلى جانب المخاوف المتعلقة بالرقابة، يرى المنتقدون أن المعاهدة قد تفتح الباب أمام حكومات استبدادية لاستغلالها في قمع المعارضين السياسيين والنشطاء. بإعطاء الدول الحق في الوصول إلى الأدلة الإلكترونية من مزودي الخدمات في دول أخرى، قد تصبح هذه الآلية أداة لقمع حرية التعبير على الإنترنت وتقييد الأنشطة التي تعارض الحكومات.

ومن الجدير بالذكر أن المعاهدة لا تقتصر فقط على الجرائم الكبرى مثل الاعتداء الجنسي على الأطفال وغسل الأموال، بل تشمل أيضًا جرائم أقل خطورة. هذا التوسع في النطاق يزيد من القلق بشأن كيفية استخدام الدول لهذه الأدوات القانونية الجديدة في سياقات قد لا تكون متعلقة بشكل مباشر بالجريمة السيبرانية، مثل ملاحقة الصحفيين أو الناشطين الذين يعبرون عن آراء مخالفة.

التحالف الذي يعارض هذه المعاهدة يشمل شركات التكنولوجيا الكبرى التي قد تواجه تحديات في كيفية الامتثال للطلبات القانونية القادمة من دول أخرى، خاصة في الحالات التي تتعارض فيها هذه الطلبات مع قوانين حماية البيانات أو خصوصية المستخدمين في دولهم.

أيضًا، هناك مخاوف بشأن القدرة التقنية لبعض الدول على حماية البيانات التي قد تتلقاها من دول أخرى. إذا لم تكن هذه الدول مجهزة بشكل جيد لتأمين هذه البيانات، فقد يزيد ذلك من مخاطر الاختراقات السيبرانية وتسرب المعلومات الحساسة.

في النهاية، بينما تهدف المعاهدة إلى مكافحة الجرائم السيبرانية، إلا أن الانتقادات تركز على التوازن الدقيق المطلوب بين حماية الأمن الرقمي وضمان حقوق الإنسان الأساسية. تطبيق هذه المعاهدة سيخضع للمراقبة الدقيقة من قبل المجتمع الدولي، وسيكون من الضروري ضمان عدم استغلالها لتقييد الحريات الرقمية.

إرسال تعليق

أحدث أقدم