يتكرر السؤال كثيراً: ماذا يوجد داخل القمر؟ وهل ما زال هناك "جدل" حول تركيبه الداخلي؟ إليك ما توصّلت إليه الدراسات العلمية الحديثة اعتماداً على بيانات المهمات القمرية (أبولو، GRAIL، LRO وغيرها):
أولاً: التركيب الداخلي للقمر – الصورة العلمية الأكثر قبولاً
تشير الأدلة الجيوفيزيائية إلى أن القمر مكوّن من طبقات رئيسية تشبه الأرض ولكن مع اختلافات كبيرة:
1. القشرة (Crust)
-
هي الطبقة الخارجية الصلبة.
-
يتراوح سُمكها بين 30 و 50 كيلومتراً.
-
تتكون أساساً من صخور غنية بالألمنيوم مثل الأنورثوسيت.
-
تحتوي على آثار فوهات ناتجة عن اصطدامات نيزكية على مدى مليارات السنين.
2. الوشاح (Mantle)
-
يمتد من نهاية القشرة إلى عمق يقارب 1000 كلم.
-
يتكون من سيليكات المغنيسيوم والحديد.
-
يُعتقد أنه مصدر البراكين القديمة التي شكلت ما يُعرف بـ بحار القمر المظلمة (Mare).
3. اللب (Core)
تشير القياسات الزلزالية من بعثات أبولو إلى وجود:
لب داخلي صلب
-
قطره يقارب 240 كلم.
-
يتكون غالباً من حديد مع قليل من الكبريت والنيكل.
لب خارجي سائل
-
قطره يصل إلى 330 كلم تقريباً.
-
قد يكون سائلاً جزئياً أو يحتوي سبيكة من الحديد الكبريتي.
ملاحظة:
القمر لا يمتلك مجالاً مغناطيسياً قوياً اليوم، ما يشير إلى أن دينامو قلبه توقّف منذ مليارات السنين.
ثانياً: هل توجد فراغات أو تجاويف كبيرة داخل القمر؟
رغم انتشار نظريات شعبية (مثل “القمر أجوف”)، لا يوجد أي دليل علمي على وجود تجاويف ضخمة أو فراغ داخلي.
مهمة GRAIL التابعة لناسا (2012) رسمت خريطة دقيقة لجاذبية القمر وأظهرت أنه:
-
جسم صلب كتلياً.
-
يحتوي فقط على مناطق كثافة مختلفة بسبب التأثيرات القديمة، وليس على فراغات.
ثالثاً: من أين جاء هذا الجدل أصلاً؟
نشأ الجدل لعدة أسباب:
-
وجود فوهات تبدو "أقل عمقاً" مما توقّع العلماء في البداية.
-
صدى الزلازل القمرية الطويل نسبياً، والذي ظنه البعض دليلاً على أن القمر أجوف.
-
انتشار نظريات المؤامرة حول كونه "صناعة فضائية" أو "جسماً مجوفاً".
لكن تفسير ذلك كان علمياً:
-
البنية القشرية الصلبة واليابسة تعكس الموجات الزلزالية لفترة أطول.
-
اختلاف خصائص الصخور القمرية يفسّر شكل الفوهات.
رابعاً: هل لا يزال هناك ألغاز؟
نعم، من أبرز الأسئلة المفتوحة:
-
لماذا يمتلك القمر لبّاً صغيراً جداً مقارنة بالأرض؟
-
كيف تشكل بالتحديد بعد الاصطدام العملاق المفترض مع الأرض منذ 4.5 مليار سنة؟
-
ما طبيعة النشاط الحراري المتبقي داخله؟
هذه الأسئلة يُتوقع أن تجيب عنها بعثات Artemis المستقبلية.
الخلاصة
داخل القمر توجد قشرة صلبة، ووِشاح صخري، ولبّ معدني صغير (صلب في الداخل وسائل في الخارج).
جميع البيانات العلمية تؤكد أنه ليس فارغاً ولا يحتوي على تجاويف عملاقة، بل هو جسم صخري مستقر تشكّل من مواد الأرض بعد اصطدام هائل في بدايات النظام الشمسي.